بسم الله و الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله و بعد ..
لما كان من أهم ما يفهم به القرآن العظيم و من أهم ما يفهم به آياته .. هو سبب نزول الآية .
ولما كثر في ذلك القيل و القال و السماع من بعض أهل الدعوة من الأسباب .. مالا يصح و قد انتشر ذلك بين الناس أيضا ..
و حرصا على نشر العلم و عدم كتمانه .. دفعني كل ذلك .. إلى الاستمتاع بهذه التحفة من مؤلفات فضيلة الشيخ رحمه الله .. مقبل بن هادي الوادعي ( الصحيح المسند من أسباب النزول ) حتى نتعرف سويا على تلك الأسباب ( الصحيح منها ) و ترك ما عداها .
والله من وراء القصد ..
1- تعريف سبب النزول :
سبب النزول يكون قاصرا على أمرين :
أحدهما : أن تحدث حادثة قينزل القرآن الكريم بشأنها كما في سبب نزول { تبت يدا أبي لهب و تب } كما سيأتي إن شاء الله .
الثاني : أن يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن شيء فينزل القرآن ببيان الحكم فيه كما في سبب نزول آية اللعان كما سيأتي إن شاء الله .
2- طريقة معرفته :
أما طريقة معرفته , فالعلماء يعتمدون في معرفة سبب النزول على صحة الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أو عن الصحابي , فإن إخبار الصحابي في مثل هذا له حكم الرفع ( قلت ( محمود) حكم الرفع يعني أن الحديث عن الصحابي في هذه الحالة لا يصح أن يكون برأيه و لكنه أخذه إما عن رسول الله من كلامه أو من حادثة هو شهدها على عهد النبي عليه الصلاة و السلام .. و الحديث المرفوع هو كل قول أو فعل نسب إلى النبي محمد صلى الله عليه وسلم ) .
قال بن الصلاح رحمه الله في كتابه علوم الحديث :
الثالث : ما قيل إن تفسير الصحابي حديث فإنما ذلك في تفسير يتعلق بسبب نزول الآية يخبر به الصحابي أو نحو ذلك .
كقول جابر رضي الله عنه : كانت اليهود تقول : من أتى امرأته من دبرها في قبلها جاء الولد أحول .. فأنزل الله عز وجل { نساؤكم حرث لكم } الآية .
فأما سائر تفاسير الصحابة التي لا تشتمل على إضافة شيء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فمعدود في الموقوفات و الله أعلم .ا.هـ ( قلت : محمود .. الحديث الموقوف هو ما نسب من قول أو فعل إلى الصحابي و ليس هو من قول أو فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم )
أما قول التابعي : نزلت في كذا : فهو مرسل , فإن تعددت طرقه قبل و إلا فلا على الراجح عن المحدثين . ( قلت محمود .. المرسل , هو الحديث الذي يروى عن التابعي من قول أو فعل ينسبه إلى رسول الله .. فإن روى التابعي و قال .. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم هكذا دون ذكر الصحابي الذي سمع منه فهذا يعرّف بالإرسال .. وهذا من أنواع الحديث الضعيف )
3- العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب :
و الدليل على ذلك .. أن الأنصاري الذي قبّل الأجنبية و نزلت فيه { إن الحسنات يذهبن السيئات } قال للنبي صلى الله عليه وسلم : ألي هذا و حدي يا رسول الله ؟
ومعنى هذا : هل حكم هذه الآية يختص بي لأني سبب نزولها ؟ : فأفتاه النبي صلى الله عليه وسلم بأن العبرة بعموم اللفظ .. فقال " بل لأمتي كلهم "
أما صورة السبب : فجمهور أهل الأصول أنها قطعية الدخول في العام , فلا يجوز إخراجها منه بمخصص .
ورو ي عن مالك : أنها ظنية الدخول كغيرها من أفراد العام .
( قلت محمود : ومثال لذلك حتى يفهم : أنه لما سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أنتوضأ بماء البحر مثلا فقال " هو الطهور ماؤه " .. فهذا ليس معناه أن ماء البحر يتوضأ به فقط .. فلا يقال لا يجوز التطهير به إلا في الوضوء , بل يغتسل به من الجنابة و تغسل به النجاسة .. الخ , و أيضا يشمل الجواب السائلين و غيرهم من الناس .. ( وهذا معنى العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ) أما قوله : أن صورة السبب قطعية الدخول في العام معناه .. أن الوضوء بماء البحر للقوم الذين سألوا النبي جائز قطعا .. لأن اللفظ جاء عن سؤالهم عنه , و إلا لو كان ماء البحر لا يتطهر به لما بين لهم النبي , و يكون ذلك تأخير للبيان عن وقت الحاجة و هذا غير جائز .. ( الواضح في أصول الفقه محمد الأشقر ص 194 ))
4- قد تتعدد الأسباب و النازل واحد :
كما في آية اللعان و غيره من الآيات كما ستجده إن شاء الله في موضعه .
وكذا قد تتعدد الآيات النازلة و السبب واحد .. كما في حديث المسيب رضي الله عنه في شأن وفاة أبي طالب .. و قول النبي لأستغفرن لك مالم أنه عنك .. فأنزل الله { ما كان للنبي و الذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين و لو كانوا أولي قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم } .. ونزل في أبي طالب { إنك لا تهدي من أحببت و لكن الله يهدي من يشاء } .
والأمثلة على ذلك كثيرة ستمر بك إن شاء الله .
5- صيغة سبب النزول :
إما أن تكون صريحة في السببية و إما أن تكون محتملة .
فتكون نصا صريحا إذا قال الراوي : سبب نزول هذه الآية كذا , أو إذا بفاء تعقيبية داخلة على مادة النزول بعد ذكر الحادثة أو السؤال كما إذا قال : حدث كذا أو سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فنزلت كذا .
فهاتان صيغتان صريحتان في السببية , و سيأتي لهما أمثلة إن شاء الله .
و تكون الآية محتملة للسببية و لما تضمنته الآية من الأحكام إذا قال الراوي : نزلت هذه الآية في كذا , فذلك يراد به تارة أنه سبب النزول , و تارة أنه داخل في معنى الآية .
وكذا قوله : أحسب أن هذه الآية نزلت في كذا , أو ما أحسب هذه الآية إلا نزلت في كذا , فإن الراوي بهذه الصيغة لا يقطع بالسبب .
فهاتان صيغتان تحتملان السببية و غيرها .. و سيأتي لهما أمثلة إن شاء الله .ا.هـ .
مختصرا من كتاب (( مباحث في علوم القرآن )) لمناع القطان .
فائدة : من القرآن ما نزل لسبب , و منه ما نزل ابتداء بعقائد الإيمان وواجبات الإسلام و غير ذلك من التشريع .. و إنما ذكرت هذا لأن بعضهم طالبني في ذات مرة أن أذكر له سببا آخر لقوله تعالى { و منهم من عاهد الله } الآية .. عندما قلت له أن القصة التي وردت في ثعلبة ضعيفة .. و كذا قوله تعالى { يوفون بالنذر و يخافون يوما كان شره مستطيرا } إلى آخر الآيات .. عندما قلت لبعضهم : إن ما ورد أنها نزلت في علي و فاطمة ليس بصحيح و قد ذكرها بن الجوزي في الموضوعات ووافقه السيوطي , فأحببت التنبيه لئلا يظن من لم يمارس سبب النزول أن لكل آية سببا .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــ
لما كان من أهم ما يفهم به القرآن العظيم و من أهم ما يفهم به آياته .. هو سبب نزول الآية .
ولما كثر في ذلك القيل و القال و السماع من بعض أهل الدعوة من الأسباب .. مالا يصح و قد انتشر ذلك بين الناس أيضا ..
و حرصا على نشر العلم و عدم كتمانه .. دفعني كل ذلك .. إلى الاستمتاع بهذه التحفة من مؤلفات فضيلة الشيخ رحمه الله .. مقبل بن هادي الوادعي ( الصحيح المسند من أسباب النزول ) حتى نتعرف سويا على تلك الأسباب ( الصحيح منها ) و ترك ما عداها .
والله من وراء القصد ..
1- تعريف سبب النزول :
سبب النزول يكون قاصرا على أمرين :
أحدهما : أن تحدث حادثة قينزل القرآن الكريم بشأنها كما في سبب نزول { تبت يدا أبي لهب و تب } كما سيأتي إن شاء الله .
الثاني : أن يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن شيء فينزل القرآن ببيان الحكم فيه كما في سبب نزول آية اللعان كما سيأتي إن شاء الله .
2- طريقة معرفته :
أما طريقة معرفته , فالعلماء يعتمدون في معرفة سبب النزول على صحة الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أو عن الصحابي , فإن إخبار الصحابي في مثل هذا له حكم الرفع ( قلت ( محمود) حكم الرفع يعني أن الحديث عن الصحابي في هذه الحالة لا يصح أن يكون برأيه و لكنه أخذه إما عن رسول الله من كلامه أو من حادثة هو شهدها على عهد النبي عليه الصلاة و السلام .. و الحديث المرفوع هو كل قول أو فعل نسب إلى النبي محمد صلى الله عليه وسلم ) .
قال بن الصلاح رحمه الله في كتابه علوم الحديث :
الثالث : ما قيل إن تفسير الصحابي حديث فإنما ذلك في تفسير يتعلق بسبب نزول الآية يخبر به الصحابي أو نحو ذلك .
كقول جابر رضي الله عنه : كانت اليهود تقول : من أتى امرأته من دبرها في قبلها جاء الولد أحول .. فأنزل الله عز وجل { نساؤكم حرث لكم } الآية .
فأما سائر تفاسير الصحابة التي لا تشتمل على إضافة شيء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فمعدود في الموقوفات و الله أعلم .ا.هـ ( قلت : محمود .. الحديث الموقوف هو ما نسب من قول أو فعل إلى الصحابي و ليس هو من قول أو فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم )
أما قول التابعي : نزلت في كذا : فهو مرسل , فإن تعددت طرقه قبل و إلا فلا على الراجح عن المحدثين . ( قلت محمود .. المرسل , هو الحديث الذي يروى عن التابعي من قول أو فعل ينسبه إلى رسول الله .. فإن روى التابعي و قال .. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم هكذا دون ذكر الصحابي الذي سمع منه فهذا يعرّف بالإرسال .. وهذا من أنواع الحديث الضعيف )
3- العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب :
و الدليل على ذلك .. أن الأنصاري الذي قبّل الأجنبية و نزلت فيه { إن الحسنات يذهبن السيئات } قال للنبي صلى الله عليه وسلم : ألي هذا و حدي يا رسول الله ؟
ومعنى هذا : هل حكم هذه الآية يختص بي لأني سبب نزولها ؟ : فأفتاه النبي صلى الله عليه وسلم بأن العبرة بعموم اللفظ .. فقال " بل لأمتي كلهم "
أما صورة السبب : فجمهور أهل الأصول أنها قطعية الدخول في العام , فلا يجوز إخراجها منه بمخصص .
ورو ي عن مالك : أنها ظنية الدخول كغيرها من أفراد العام .
( قلت محمود : ومثال لذلك حتى يفهم : أنه لما سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أنتوضأ بماء البحر مثلا فقال " هو الطهور ماؤه " .. فهذا ليس معناه أن ماء البحر يتوضأ به فقط .. فلا يقال لا يجوز التطهير به إلا في الوضوء , بل يغتسل به من الجنابة و تغسل به النجاسة .. الخ , و أيضا يشمل الجواب السائلين و غيرهم من الناس .. ( وهذا معنى العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ) أما قوله : أن صورة السبب قطعية الدخول في العام معناه .. أن الوضوء بماء البحر للقوم الذين سألوا النبي جائز قطعا .. لأن اللفظ جاء عن سؤالهم عنه , و إلا لو كان ماء البحر لا يتطهر به لما بين لهم النبي , و يكون ذلك تأخير للبيان عن وقت الحاجة و هذا غير جائز .. ( الواضح في أصول الفقه محمد الأشقر ص 194 ))
4- قد تتعدد الأسباب و النازل واحد :
كما في آية اللعان و غيره من الآيات كما ستجده إن شاء الله في موضعه .
وكذا قد تتعدد الآيات النازلة و السبب واحد .. كما في حديث المسيب رضي الله عنه في شأن وفاة أبي طالب .. و قول النبي لأستغفرن لك مالم أنه عنك .. فأنزل الله { ما كان للنبي و الذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين و لو كانوا أولي قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم } .. ونزل في أبي طالب { إنك لا تهدي من أحببت و لكن الله يهدي من يشاء } .
والأمثلة على ذلك كثيرة ستمر بك إن شاء الله .
5- صيغة سبب النزول :
إما أن تكون صريحة في السببية و إما أن تكون محتملة .
فتكون نصا صريحا إذا قال الراوي : سبب نزول هذه الآية كذا , أو إذا بفاء تعقيبية داخلة على مادة النزول بعد ذكر الحادثة أو السؤال كما إذا قال : حدث كذا أو سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فنزلت كذا .
فهاتان صيغتان صريحتان في السببية , و سيأتي لهما أمثلة إن شاء الله .
و تكون الآية محتملة للسببية و لما تضمنته الآية من الأحكام إذا قال الراوي : نزلت هذه الآية في كذا , فذلك يراد به تارة أنه سبب النزول , و تارة أنه داخل في معنى الآية .
وكذا قوله : أحسب أن هذه الآية نزلت في كذا , أو ما أحسب هذه الآية إلا نزلت في كذا , فإن الراوي بهذه الصيغة لا يقطع بالسبب .
فهاتان صيغتان تحتملان السببية و غيرها .. و سيأتي لهما أمثلة إن شاء الله .ا.هـ .
مختصرا من كتاب (( مباحث في علوم القرآن )) لمناع القطان .
فائدة : من القرآن ما نزل لسبب , و منه ما نزل ابتداء بعقائد الإيمان وواجبات الإسلام و غير ذلك من التشريع .. و إنما ذكرت هذا لأن بعضهم طالبني في ذات مرة أن أذكر له سببا آخر لقوله تعالى { و منهم من عاهد الله } الآية .. عندما قلت له أن القصة التي وردت في ثعلبة ضعيفة .. و كذا قوله تعالى { يوفون بالنذر و يخافون يوما كان شره مستطيرا } إلى آخر الآيات .. عندما قلت لبعضهم : إن ما ورد أنها نزلت في علي و فاطمة ليس بصحيح و قد ذكرها بن الجوزي في الموضوعات ووافقه السيوطي , فأحببت التنبيه لئلا يظن من لم يمارس سبب النزول أن لكل آية سببا .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــ